المختفون قسرا في اليمن .. يظهرون على جدرانها

المختفون قسرا في اليمن .. يظهرون على جدرانها

تاريخ النشر 5 February 2013 – 1:18pm

يوديت سبيخل – صنعاء – ربما لم تجلب الانتفاضة في اليمن كل ما كان يأمل به الناس هناك، ولكنها جلبت إلى الطاولة موضوعات لم تكن تطرح سابقا للنقاش لأنها كانت حساسة جدا، مثل موضوع المختفين قسرا.

مسعد حميد وسيف علي وعلي المجيدي وعادل إدريس واحمد قاسم وطه البركاني ومحمد البكري وقادري كرو. أسماء لا تعني شيئا لك ولي ولأغلب الناس. لكنهم تعني الكثير لأسرهم، التي لم تراهم منذ زمن طويل ومنهم منذ أكثر من 40 عاما. اختفوا ما بين 1960 و1990.

أرواح بالأبيض والأسود
عادوا جميعهم للظهور مؤخرا…بالأسود والأبيض على جدران صنعاء. وضعهم الفنان مراد سبيع هناك، حوّل صور اليمنيين المختفين قسرا إلى جداريات باستخدام تقنية  الطباعة على الاستنسيل – وهي تقنية شائعة في رسم الشوارع – وملأ ما لا يقل عن 12 جدار في صنعاء بصور المختفين. “لان دوري أو دورك، قد يأتي غدا “.

من الجدار بالقرب من مدينة المرح إلى الجسر بالقرب من جامعة صنعاء ومن الجدار بالقرب من تاجر البن، في كل مكان تراقبك وجوه المختفين قسرا، وتذكرك بأنهم كانوا يوما مع عائلاتهم واختفوا في اليوم التالي. ولم يعد يُسمع عنهم أي شيء بعد ذلك.

هم جنرالات وصحفيون ونشطاء وسياسيون اختفوا خلال الأوقات المضطربة في اليمن، البعض خلال الحرب الأهلية في الشمال في الستينات، أو أثناء الحرب الأهلية عام 1986 في الجنوب، أو خلال الحرب الأهلية بعد الوحدة في عام 1994. الاعتقاد السائد أن من قام بذلك هو جهاز المخابرات في النظام السابق.

الجناة على بعد خطوات
“كان هذا الموضوع عرضة للتجاهل أو الإهمال لوقت طويل” يقول سبيع “لان المسئولين عن تنفيذ هذه العمليات مازالوا على قيد الحياة أو في مناصب عالية”. شعر سبيع بضرورة منح وجه إنساني للمختفين . بدأ مع 20 حالة و20 صورة، إذ لم يكن لديه المزيد من المعلومات”.

لكن عندما سمع أهالي وأصدقاء المختفين قسرا عن هذه الحملة، بدءوا بإعطائه المزيد من الصور. “الآن هناك 70 صورة على الجدران، وغدا سنقوم بطلاء 6 إضافية، واعتقد إن هذه ما هي إلا البداية، سيكون هناك المئات من الصور”.

عمله هذا لم يعجب البعض في بداية الأمر”عندما شرعت بالرسم لم أكن أبالي ما إذا كان هذا الأمر قانونيا أم لا- عندها جاءت قوة من الجيش مدججة بالأسلحة. تدخل بعض اصدقائي واتصلوا بامين العاصمة صنعاء الذي سمح بمواصلة.

الرسم.

مع ذلك، في الليل يتم محو العديد من الجداريات، خاصة بالقرب من القاعدة العسكرية للجنرال علي محسن الذي كان اليد اليمنى العسكرية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح لسنوات حتى انحيازه للانتفاضة 2011.

“بالطبع نعيد رسمها من جديد، وسنفعل ذلك مرارا وتكرارا. عندما سألت احد الجنود إذا كان يعرف من يقوم بمحو الوجوه عن الجدران. أجابني كانت هذه أوامر من القيادة العليا. يؤمن سبيع بالعمل الفني الذي يقوم به، ليس من اجل الفن بذاته، بل بهدف تصويب الأمور.

أمل الاتفاق الدولي
واحدة من الأمور التي يأمل أن تتحقق هي قيام اليمن بالتوقيع على الاتفاقية الدولية التي اعتمدتها الأمم المتحدة عام 2006 لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. والتي لم يوقع اليمن عليها في ذلك الوقت.

لكن حتى ولو كان من ضمن الموقعين على الاتفاقية، لا يسعى المرء إلا التساؤل ما إذا كان الوضع سيكون مختلفا. إن عدم إنفاذ القانون من أهم المشاكل في اليمن، على الصعيدين الدولي والوطني. ومع ذلك يعتقد سبيع إن توقيع اليمن على الاتفاقية سوف يؤدي إلى “ضغط من الخارج عليه للالتزام بها”.

يرى سبيع أن الضغط الخارجي سيجعل الحكومة متوترة، لان اليمن في هذه الأيام يعتمد على الأموال من الخارج. ويقول “إذا استمرت عمليات الاختفاء القسري، بإمكان الخارج عندها أن يوقف تقديم الأموال”.

في الواقع إن الاختفاء القسري مازال مستمرا، خاصة في عام 2011 عندما اعتقل العديد من الأشخاص أثناء الانتفاضة. مازال العشرات منهم مفقودين، ولا تعلم عائلاتهم أي شيء عن مكان وجودهم.على الرغم من وعد الحكومة الانتقالية بالعمل على إعادتهم، لكن شيئا من هذا لم يحصل بعد.

وجدنا احدهم
لا مردود مادي لسبيع من هذا المشروع ، يعيش مع عائلته التي تدعمه وكذلك الأصدقاء. كما انه لا يحتاج إلى الكثير من الأموال لهذا المشروع، هناك ما يكفي من الجدران والطلاء. “الأمر ليس باهظ الثمن، كلفة الوجه الواحد خمسة دولارات أمريكية”. 5 دولارات لإنقاذهم من النسيان.

وربما أكثر من ذلك. في احد دور العجزة في الحديدة وهي مدينة على ساحل البحر الأحمر يعيش رجل قد يكون واحدا من المختفين قسرا. رأى احد اقاربه صورته على الجدار وبدأ البحث عنه ووجده. الرجل لا يذكر أي شيء وآثار التعذيب ظاهرة على جسمه ووجهه يبدو وكأنه قد تلقى الضربات بالاصطدام بالجدار “.

مستلهما روح حملة سبيع “الجدران تتذكر وجوههم” ورفاق حملته ومعظمهم من الرسامين اليمنيين الشباب اقدم قريب الشخص الذ فقد ذاكرته على ارسال عينة من الحمض النووي لهذا الرجل إلى الأردن حيث سيتم مقارنتها مع عينات من الحمض النووي لأفراد العائلة. “سيكون أمرا رائعا إن استطعنا المساعدة بإعادة المختفين قسرا” يقول سبيع. في الواقع هو يعلم ان العديد من المختفين قد قتلوا، لكن لم يعودوا على الأقل طي النسيان .

أقرأ المزيد..

Leave a comment