مجتمع تغيره الجدران
الخميس : 31/10/2013
الكاتب : مراد سبيع: اليمن
![]() |
الاعتقاد الذي كان سائداً قبل من أن اليمنيين لا يقبلون ولا يحبون الرسم؛ أثبتت بطلانه حملة (لون جدار شارعك). ولأن اليمني البسيط لا يهتم بالسعي وراء معارض الفن التشكيلي والتي
غالباً ما تكون بعيدة عنه وعن ثقافته الاجتماعية والدينية، فهو يفضل أن يقضي وقته بالسعي وراء لقمة العيش التي يحصل عليها بصعوبة..
جاءت حملة (لون جدار شارعك) في فترة صعبة أي بعد انتهاء المعارك التي حصلت في صنعاء.. الفكرة كانت جديدة كلياً على الشارع اليمني، وقد ساهمت في رفع مستوى الوعي الفني لدى الناس, فليسوا مضطرين للذهاب إلى الفن بل إن الفن (ولو أن كثيراً من الجداريات كانت غير محترفة) ذهب إلى الأماكن العامة والشوارع ليزين الجدران ويعكس وجهاً آخر وجميلاً لليمن.. كانت مشاركة المارة عبر إعطاء الملاحظات والمشاركة في الرسم، فقد شارك الكبير والصغير، فأصبح كل نزول للرسم على الجدران كالكرنفال اللوني الذي يجتمع فيه العشرات من المشاركين والمتفرجين أثناء الرسم.
انتشار فكرة الرسم في المدن اليمنية الأخرى كان وجهاً آخر لتقبل اليمني التغير الثقافي اللوني الحاصل في جدران شوارعنا وهذه صورة إيجابية أخرى.
للرسم قوة كبيره عندما يحمل معاني ويناقش قضايا الناس، فمن خلال حملة (الجدران تتذكر وجوههم) والتي ناقشت قضية المختفين قسرياً عبر الرسم المستمر لوجوه المختفين لــسبعة أشهر والتي رسم خلالها 102 وجه لمختفٍ قسرياً وتم تكرار رسمهم في مدينة صنعاء، إب، تعز والحديدة. استاطعت الحملة التي شارك فيها العديد من الأصدقاء والصديقات والناشطين وفي مقدمتهم أسر المختفي قسرياً، كما حصل في الحملة الأم (لون جدار شارعك) استاطعت الأخيرة أن تدفع بوتيرة عالية قضية المختفين قسرياً إلى المستوى العالمي والمحلي وساهمت بشكل كبير في رفع الوعي الاجتماعي بقضية المختفين قسرياً, وفرضت على السياسيين عدم تجاهل قضية بحجم قضية المختفين قسرياً, فتم تشكيل لجان للتحقيق حول القضية ومنها اللجنة العسكرية، ودعوة المفوضية السامية لحقوق الإنسان اليمن إلى التوقيع على اتفاقية حماية المواطنين من الإخفاء القسري، وإقرار رئاسة الوزراء على التوقيع على الاتفاقية الخاصة بالقضية في الأمم المتحدة.. مع الأسف لم تكن هنالك خطوات جادة على الأرض على حد علمي.. أما أهم ما حصل أثناء عملنا في الشارع ضمن الحملة هو ظهور المختفي قسرياً (مطهر الإرياني) والذي كان قد أخفي عام 1981، حيث ظهر في مدينة الحديدة وقد زرناه في منزل بناته، حيث كان يعاني من شلل في منتصف جسده السفلي وعليه آثار تعذيب وأرجله فيها آثار ثقب بالدريل حسب تشخيص الدكتور الذي فحصه.. للرسم تأثير بالغ في حياتنا, وما أن وجد الإنسان اليمني أسلوب الرسم على الجدران (فن الشارع) يعبر عن قضاياه وهمومه، حتى أصبح مشاركاً ومشجعاً ودافعاً لعجلة الاستمرار في الرسم. إن المشاركة الاجتماعية من جميع المكونات للإنسان اليمني في هذه الأحداث الاجتماعية الثقافية لهو دليل على أن الشعب اليمني شعب حضاري ويقبل كل ما هو جميل وبناء.
الرسم في الشارع لم يتوقف عند الحملتين السابقتين بل أطلقت حملة ثالثة أسميتها (12 ساعة) وتناقش 12 قضية اجتماعية وسياسية عبر الرسم. فقد استهدفنا في ساعتها الأولى قضية السلاح، وفي ساعتها الثانية قضية الطائفية، وفي ساعتها الثالثة قضية الاختطاف وفي الساعة الرابعة والتي كانت صباح 26 سبتمبر للرسم حول (العبث بالوطن).. هنالك العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية التي يعاني منها اليمنيون واتخاذ فن الشارع وسيلة قوية للتعبير أثبت نجاحه.