2015

“اليوم المفتوح للفن”

March 15, 2015

قالت الباحثة الأرجنتينية في علاقة الفن بالسياسة، أناهي الفيسو مارينو، في إحدى مقالاتها: “لقد مثلت الجدران التي رسم عليها الفنان اليمني مراد سبيع ورفاقه امتدادا لساحة التغيير، امتدادا لمشاركة الشارع في السياسة التي بدأت في مطلع العام 2011.”

في مثل هذا اليوم قبل 3 سنوات، عندما بدأت حملتي “لون جدار شارعك”، داعياً اليمنيين واليمنيات لتلوين جدران شوارعنا التي شوهتها رصاصات وقنابل المتحاربين في آنذاك، لم أكن أعلم أنني “اناضل في السياسة”، بل العكس هو الصحيح. لقد كنت أناضل ضد السياسة التي صوبت فوهات بنادقها على جدران شوارعنا وعلى جدران نفسياتنا أيضا. وفي الحقيقة، لم يكن لحملة “لون جدار شارعك” وما تلتها من حملات “الجدران تتذكر وجوههم” و”12 ساعة” أن يكون لها أي علاقة بالسياسة بشكل عام، وبسياسة الشارع على وجه الخصوص، لولا توفر عامل أساس هو مشاركة الناس.

مشاركة الناس هو أمر يصعب التعبير عنه، ولكن يمكنني القول- باختصار، أن مشاركة الناس في حملات الرسم على الجدران هي الوجه المغاير تماما لوجه السياسة التي نشاهدها على قنوات التلفزيون وأوراق الصحف وصفحات الانترنت وملامح شوارع العاصمة والمدن.

مرت ثلاث سنوات على حملة “لون جدار شارعك”، وخلال هذه الثلاث السنوات مرت اليمن بأصعب مراحل التحول السياسي كان آخرها أحداث العنف والتوتر السياسي التي يشهدها اليمن منذ سبتمبر 2014. كابد اليمنيون واليمنيات الكثير من منغصات العيش وعدم الاستقرار والأمن منذ 2011 وإلى اليوم، وقابلوا تلك المنغصات بالتفاؤل حينا وبالتشاؤم والاستسلام حينا آخر. وبالنسبة لي أنا المواطن العادي الذي لا يفهم كثيرا في كثير من الأمور بما في ذلك الرسم، كانت مشاركة الناس في حملات رسم لي وللأصدقاء مثل حملة “كتاب مفتوح” للصديق تمام الشيباني، وحملة “كاريكاتير الشارع” للصديق ذي يزن العلوي، بمثابة المؤشر الدال على مقاومة وتفاؤل اليمنيين واليمنيات في تحقيق حلمهم ببناء دولتهم المدنية.

في يونيو 2014، قبيل دخول اليمن في واحدة من أصعب تغيراتها السياسية وأكثرها عنفا وحدة، انتهت حملة “12 ساعة”. منذ ذلك الوقت، وعلى الرغم من عدم توقف أنشطة المشاركة في الرسم على الجدران، إلا أن الناس قد شغلت بمتابعة تطورات أحداث سبتمبر 2014، وأصبحوا يعيشون تحت قبضة التوجسات والتنبؤ بالمجهول داعيين الله بتسريع الفرج. ووسط هذه الظروف غير المناسبة، صادف اليوم الـ 15 من مارس 2015 أن يكون الذكرى الثالثة لانطلاق حملة “لون جدار شارعك”. في أول الأمر، ترددت باطلاق الدعوة لاحياء الذكرى الثالثة للرسم على الجدران، لقد كنت خائفا من أن الأحداث الأخيرة قد أكلت ما تبقى للناس من مقاومة وتفاؤل، أو هكذا خيل لي.

لقد كنت مخطئا، وأعلنت الدعوة للمشاركة بالرسم على الجدران يوم 15 مارس 2015 تحت عنوان “يوم للفن والانسان. وبعد الإعلان عن مكان وموعد الرسم، تقدم الأصدقاء والصديقات الأوائل الصفوف في الموعد ككل مرة عهدتهم فيها منذ ثلاث سنوات. كان معهم آخرون كثر من شباب وشابات وأطفال وطفلات، رجال ونساء وحتى شيوخ. وجوه كثيرة قدمت الى الجدران اليوم لترسم وأخرى لتشارك بالنقاش أو بالمشاهدة. وجوه كثيرة وأيادي أكثر وألوان لا تحصى والجدار كان واحد، جدارك يا بلدي.

نعلم أن عمر صوت الرصاص والقنابل على جدار بلدنا أقصر بكثير من عمر الألوان على نفس الجدار، وأن الوجوه التي قابلته اليوم بالفرشاة كانت أجمل من الوجوه التي قابلته بالرشاش وأن أيادينا التي لمسته كانت أحن وأرحم. ثق يا وطني، أنه وفي كل مرة تحاصرنا جدران أخرى غير جدارك، سنلجأ اليك، سنلجأ اليك ولو مرة في السنة.

جزيل شكري وفائق تقديري واحترامي لكل من شارك وشاركت في فعالية الرسم على الجدران اليوم. شكر خاص وود خالص للأطفال والطفلات. عشتم جميعا منبعا للفن والانسان.

 

photos of the event – صور الحدث

This slideshow requires JavaScript.