“أرواح بالأبيض.. والأسود”:
نبيل سبيع
قدمت الصحفية الهولندية “جوديث سبيغل” تقريرا رائعا لإذاعة “هولندا العالمية” عن حملة “الجدران تتذكر وجوههم” التي رسمت وجوه المختفين القسريين على جدران العاصمة صنعاء وعدة مدن يمنية أخرى قبل عدة أشهر. كان عنوان تقرير “جوديث” حول المختفين اليمنيين قسراً هو: “أرواح بالأبيض والأسود”، وهما اللونان اللذان اعتمدهما الرسام مراد سبيع وزملاؤه في رسم وجوه المخفيين على الجدران في حملة أستمرت 7 أشهر. هل كانت جوديث تتخيل لحظتها أن يوماً سيأتي عليها وهي على أحد جدران العاصمة مرسومة مع زوجها “باو بريدتسن”، بيد الرسام نفسه، و”بالأبيض والأسود” أيضاً في جدارية تسلط الضوء على ظاهرة إختطاف الأجانب في اليمن من خلال حادثة إختطافهما؟! لا أظن. جوار “جوديث”، مقولة لطيفة وحنونة لها هي المدافعة عن اليمن واليمنيين في وسائل الإعلام الغربية وفي لقاءاتها الخاصة كما يتفق من أعرف من معارفها. ومع أن جريمة إختطافها وزوجها في صنعاء قبل شهرين ونصف أكبر من كل إعتذار ولا تغتفر، إلا أن إعتذارا مفترضا من كل اليمنيين الرافضين لإختطافها وزوجها تقدمه هذه الجدارية للزوجين الهولنديين على أحد شوارع صنعاء. ولعلها تعبر عن صوت وأسف الغالبية من اليمنيين كي لا أقول كل اليمنيين لأنه ما من إنسان سوي يقبل بخطف إمرأة وزوجها، وأجنبيين كمان، ما من إنسان يقبل بهذا. سألني اليوم أحد المارة عن المكتوب في الجدارية والمرسومين. كان رجلا خمسينيا يرتدي الزي القبلي ولا يبدو أنه نال حظا من التعليم. قلت له إنها صحفية هولندية تحب اليمن وقالت عن اليمنيين إنهم “ألطف ناس” ثم تم اختطافها على أيدي خاطفين يمنيين. كانت ردة فعله معبرة، امتلأت بالألم ولعن الخاطفين مع وصفه لهم بـ”الطراطير”، وغادر على الفور غاضبا. حدث هذا ظهيرة اليوم الخميس في قلب العاصمة صنعاء، بعد أن انتهى مراد سبيع من رسم الجدارية في شارع الزبيري أمام وزارة الشباب والرياضة، في إطار حملة “12 ساعة” التي تسعى من خلال جدارية جوديث وزوجها الى تسليط الضوء على ظاهرة إختطاف الأجانب في اليمن. بالأبيض والأسود با جوديث، بالأبيض والأسود. كم يبدو هذا عنوانا لقصتك مع جدران اليمن و”نذالة” بعض أبنائها. لكننا سننتظر تحريرك من الإختطاف المشين مع زوجك يا جوديث، سننتظر تحريركما من جدار الإختطاف ونأمل أن تتحرر اليمن يوما من جدار الخزي.