الفن في مواجهة آلهة الحرب: يوم مفتوح لرسم الجداريات في صنعاء
صنعاء ـ «القدس العربي» ـ من أحمد الأغبري: «الفن أقوى من الحرب» بهذه الكلمات اختزل الطفل إلياس العامري – 10 سنوات، هدف المشاركة في رسم جداريته ضمن «اليوم المفتوح للفن» في صنعاء أمس (الخميس)، وهو ما أؤكده الشاب أوراس الإرياني ـ 35 سنة، لـ»القدس العربي» قائلا: «إن مشاركته في الرسم الجداري، ليست هروباً من أجواء الحرب، بل استمتاعاً بالتجربة والتعبير من خلالها عن أن الجمال جزء أصيل من أرواح اليمنيين، ومازال هذا الجزء مضيئاً على الرغم من عتمة الحرب من حولهم».
وشارك في مرسم «اليوم المفتوح للفن»، أمس في صنعاء عددٌ من الشباب والشابات والأطفال من الجنسين ومن أعمار مختلفة، وبعضهم تعامل مع رسم الجدارية لأول مرة ؛ فسحر العريقي – 25 سنة، تمارس الرسم، لكنها، هنا، ولأول مرة ترسم جدارية في الشارع، وتؤكد «هي تجربة في الأخير، وليس بالضرورة أن أتميز فيها، ولكن من الضرورة المشاركة، واكتشاف مهارتي، وفي الوقت ذاته التعبير من خلالها عن رسالة تؤكد أن الحرب لن تمنعنا أو تؤثر على حياتنا، وبالتالي نقول للحرب بهذه الألوان – نحن أبناء السلام».
وهو ما شاطرتها فيه زميلتها سُهى ثابت -21 سنة، متحدثة لـ»القدس العربي»، أن المشاركة تُدلل على «أن اليمن أقوى من آلهة الحرب في الداخل والخارج».
مشاركة يمنية وخارجية
«اليوم المفتوح للفن» لهذا العام هو امتداد لبرنامج سنوي ينظمه الفنان مراد سُبيع وعدد من زملائه منذ أربع سنوات، وتواصل من خلال عدد من المشاريع الفنية توثق تجاربها جدران شوارع صنعاء. وتميز هذا العام بأنه تجاوز صنعاء إلى أربع مُدن يمنية أخرى، بالإضافة إلى مُدن أخرى خارج اليمن. يقول منسق المشروع الفنان سُبيع لـ»القدس العربي»: شهدت المشاركة لهذا العام، مشاركة واسعة من جميع الأعمار، وكنا محظوظين بانضمام أربع مدن يمنية مع صنعاء وهي: الحُديدة / غرب، مأرب/ وسط، إب/ وسط ، وتعز/جنوب، بالإضافة إلى باريس في فرنسا وسيول ومدينة أخرى في كوريا الجنوبية وأنتاناناريفو عاصمة مدغشقر.
«هذا الحدث أصبح جسراً يربط المجتمع اليمني ببعضه ومع مجتمعات عريقة في العالم، في رسالة مفادها أن الناس هنا جزء من الفن والفن جزء منهم، فالفن رسالة السلام في زمن الحرب»، يقول مراد سبيع، «حاولنا أن تشارك معنا عدة مُدن في محاولة لتأكيد أن نسيج المجتمع، على الرغم مما ناله من الحرب مازال فيه من الترابط ما يجعلنا نتفاءل».
بهجة الجدار
وأنجز المشاركون في اليوم المفتوح في صنعاء عدداً من الجداريات تنوعت موضوعاتها، إلا أن جميعها أكد أن الأمل مازال يحتل مساحة ويسجل حضوراً في أحلام وتطلعات الشباب، ما يعني أن المستقبل مازال يُصارع الواقع البائس، مؤكداً وضوحه أمام محاولات الحرب فرض هيمنة الماضي على الحاضر. وكانت الألوان جميعها متفائلة والأفكار مُشرقة، على الرغم من البؤس والوجع اللذين يهيمنان على واقع الحياة هناك. وعلى بساطة كثير من الأعمال، إلا أنها كانت عميقة في دلالتها التصويرية مؤكدة على أن الحياة تقول كلمتها هنا بصوت مرتفع لصالح السلام من خلال الفن. في الوقت ذاته أثبتت التجارب على الجدران أن المواهب قادرة على أن تتجاوز معوقاتها، لاسيما وأن التعامل مع الجدار فنياً ليس بالمهمة اليسيرة، وهنا استطاع المشاركون، وخلال وقت قصير، وبدون بروفات إنجاز أعمال جديرة أن تبقى شاهداً حياً على مرحلة من مراحل الحياة في حياة الشعب، هناك وبواسطة الجدران التي وثقت اللحظة، ليس بريشات فنانين وإنما بأصابع يمنية قالت كلمتها على هامش استعار الحرب في بلادها من خلال هذا الفضاء الذي أتاحته هذه الجدران.