مراد سبيع يكتب: اليمن.. موت الأطفال وتجارة الجثث

Huna Sawtak

مراد سبيع يكتب: اليمن.. موت الأطفال وتجارة الجثث

في وسط دمار الحرب الهائل، تضيع التفاصيل الصغيرة الأخرى والتي من شأنها أن تؤثر على حيواتنا بقوة ولكن بطرق غير مباشرة. أين بإمكان الشخص أن يخرج إلى الشارع مع أطفاله ليرى جماجم مهشمة وأطراف مقطعة لأطفال آخرين ولضحايا الحرب في اللوحات الإعلانية على امتداد الشارع! هذا ما يحصل في مدينتي صنعاء.

تنتشر لوحات إعلانية بجميع المقاسات في شوارع صنعاء، ولكن هذه اللوحات لا تحوي إعلانات لسلع تجارية كما يحدث في بقية العالم، بل تعرض فيها أطراف مقطعة وجماجم مهشمة عن جرائم حصلت بحق مواطنين وجنود يمنيين. نشر مثل هذه اللوحات لا يعتبر فقط جريمة بشعة، فهي أولا استغلال لجثث الضحايا وتطويعها لأجل طرف معين لإثارة الكراهية عند المارة. وثانيا هي مؤذية للمشاهد وخصوصا للأطفال، حين تجعل من هذه المناظر أمرا طبيعيا في نظرهم. اللا مبدأ هو المبدأ الذي ترتكز عليه الحرب وأطرافها في اليمن.

20150705_153202

بين مطرقة الحرب وسندان الجوع، الأمراض والجهل، هناك الإنسان اليمني المخذول من قبل نخبه السياسية السيئة العاجزة عن عمل شيء. الأطفال والمدنيون يكمنون في التفاصيل، وتفاصيل الحرب مهملة.

في منطقة بني حوات، مديرية بني الحارث محافظة صنعاء حيث قتل قرابة ال 27 مدنيا، غالبيتهم أطفال في أولى أيام الحرب، بدأت أمشي في ركام المنازل التي دمرت هناك، التقيت بسكان من المنطقة وأخبروني أنهم في اليوم الذي سبق مجيئي، وجدوا بقايا “يد” لإحدى الضحايا بعد مرور حوالي 40 يوما من الحادثة الكارثية. حينها قلت لنفسي، أي حظ سيء طال هذه المنطقة!  فهي منطقة فقيرة، مبانيها عشوائية وأسقف منازلها من التراب والخشب. حتى رفع الركام في مثل هذه المناطق يكون غالبا بطريقة عشوائية، فيقضي على من قد تكون له فرصة بالنجاة من الركام، والسبب في ذلك عدم وجود مؤسسات تقوم بهذا العمل في مثل هذه الظروف. في الحروب تتحول منازل الفقراء إلى قبور.

  هناك في بني حوات كان ثمة رجل أعمى يرتدي النظارة السوداء ويمشي مستعينا بعصى بيده. قتلت في القصف زوجته وطفلته. كل ما كان بوسعه أن يفعله ليروح عن نفسه، هو أن يرفع صوته أمام جمع من سكان المنطقة بانه يريد تعويض عن موت زوجته بأن يزوجوه بزوجة رئيس مجلس النواب “البرلمان اليمني”. طلب غريب ومعاناة حزينة لإنسان يقبع في تفاصيل الحرب. أطفال يحكوا ويبكوا أصدقاءهم الذين لقوا حتفهم في القصف الذي قتل قرابة ال 15 طفل هناك.

img_3226

بين أكثر من 100 يوم من الحرب تضيق موارد الحياة فتضيق الحياة على الناس. جميع الخدمات شبه مشلولة. الطوابير تمتد لأجل الماء والغاز والبنزين والمواد الغذائية. هذه هي النتيجة الأولية فقط، دون أدنى شك سيكون الوضع أكثر كارثية بعد مئة يوم أخرى، فهذه الحرب بلا أفق وتبدوا دون نهاية، وأيامها ثقيلة كثقل الجبال. 100 يوم أخرى للحرب، فقط ليضيع المزيد من اليمنيين في تفاصيل الحرب المهملة.

رابط المقال..

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s