المخفيون قسراً في اليــمن: إهمال سياسي وأمل للأسر
نجح الرسام اليمني مراد سبيع، وأقرانه من الناشطين، في إعادة تسليط الضوء على أحد أكثر الملفات حساسية في تاريخ اليمن. فمنذ قرابة أربعة أشهر، أطلق النشطاء حملة «الجدران تتذكر وجوههم»، لرسم وجوه المخفيين قسراً على جدران العاصمة صنعاء. الحملة أثمرت رسمياً لجان تحقيق شكلت من قبل اللجنة العسكرية ووزارة حقوق الانسان للبحث في مصير المخفيين. لكن التفاؤل بسير عمل اللجان يكاد يكون معدوماً. فقضية المخفيين لطالما سعت القوى السياسية اليمنية المختلفة للتعتيم عليها، نظراً لتشعبها وتورط العديد من هذه القوى فيها، في حين تتمسك الأسر بكشف مصير أبنائها، مؤكدةً أن محاولات الالتفاف لن تجدي نفعاً بعد الآن
جمانة فرحات
تكاد قضية المخفيين قسراً في اليمن تكون من المواضيع القليلة التي تتفق حولها القوى السياسية اليمنية بمختلف تشعباتها. وهو اتفاق لا يهدف بالتأكيد للكشف عن مصير المخفيين، بل لطمس أي مسعى لذلك في ظل تورط جميع هذه القوى في ممارسة جرائم الاخفاء القسري.
أولى محاولات خرق الصمت الذي يلف القضية أطلقتها صحيفة «النداء» بدءاً من العام 2007 عندما بدأت بنشر سلسلة من التحقيقات حول المخفيين وأسرهم. وهي الأسر نفسها التي يحرص العديد منها اليوم على مشاركة الرسام اليمني مراد سبيع وأقرانه في حملة «الجدران تتذكر وجوههم» كل يوم خميس، لأننا «بتنا نشعر بأن صورهم على الجدران تنطق»، على حد قول هالة القرشي، ابنة سلطان القرشي الذي اعتقل في العام 1978.
بدورها، تتحدث سلوى قناف، ابنة علي قناف زهرة، قائد سلاح المدرعات الذي اختفى يوم اغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي في العام 1977، عن أهمية الحملة بالنسبة للأسر، مشيرةً إلى أنها خرقت التجاهل الذي أنيطت به قضية المخفيين من جهة، ورفعت من معنويات اسرهم من جهة ثانية. «ففي عيد الأضحى عندما شاهدت صورة والدي مرسومة على الجدار أحسست بفرحة كبيرة وكان لسان حالي يقول إنها أول مرة أراك لأقول لك كل عام وأنت بخير». أما أختها الصغرى فلا تذكر عن والدها إلا ما تسمعه من العائلة.
هذه المعاناة تضاف إليها مئات الحكايات الأخرى التي ارتبطت بالواقع السياسي في اليمن الشمالي واليمن الجنوبي على مدى سنوات قبل أن تحمل حرب عام 1994 وحروب صعدة الست مزيداً من الحكايات المشابهة.