نبيل سبيع
غداً، إختتام حملة “الجدران تتذكر وجوههم”
الجدار إبن الإنسان، فهو يلده كفكرة ويبنيه كجسد ويحمله معناه الخاص ورغبته. فالجلاد يحوله إلى أداة حبس وإخفاء وتغييب والفنان يحوله إلى أداة تحرير وكشف وإظهار، وهذا بالضبط ما فعلته حملة “الجدران تتذكروجوههم” منذ سبعة أشهر التي عرفتنا كم أن للجدار وجهين مثل الحياة نفسها.
ضحايا الإختفاء القسري في اليمن، الذين أخفتهم الكثير من الجدران منذ عقود، تتذكرهم اليوم جدران أخرى في أكثر من مكان. إنها مواجهة مستمرة بين جدران النسيان وجدران الذاكرة، بين ثقافة الخذلان والصمت المطبق التي تحول البشر إلى مجرد قطعان بشرية وبين ثقافة التضامن الإنساني التي تشكل ركيزة المجتمعات الحية.
حملة “الجدران تتذكر وجوههم” لا تحثنا على تذكر وجوه المختفين قسريا فقط، بل تحثنا على تحسس وجوهنا أيضا. وهي حملة لا تهدف إلى إنتشال عشرات المختفين قسريا من براثن خذلاننا ونسياننا لهم إلا بقدرما تهدف إلى جعلنا ننتشل أنفسنا من خذلاننا ونسياننا لأنفسنا. فالمجتمع الذي لا يتذكر وجوه ضحاياه هو مجتمع لا يتذكر وجهه، هو مجتمع بلا وجه.
غداً، يختتم فريق حملة “الجدران تتذكر وجوههم” سبعة أشهر من العمل المتواصل في رسم وجوه ضحايا الإختفاء القسري في اليمن، سبعة أشهر من تحويل الجدران التي غيبت وأخفت أعداداً كبيرة من خيرة أبناء اليمن لعقود طويلة إلى ذاكرة مفتوحة لوجوههم وأسمائهم.
حملة “الجدران تتذكر وجوههم” استمرت 30 أسبوعاً ورسمت خلالها على العديد من جدران صنعاء وتعز وإب والحديدة مئات الجداريات لوجوه مختفين قسراً أنتزعتهم يد الجريمة السياسية التي حكمت اليمن وما تزال منذ عقود، انتزعتهم بقسوة وخسة من وسط أسرهم ومجتمعهم وألقت بهم في ظلام الظلم والنسيان.
لنكن أمام الجدار الشرقي للجامعة القديمة على شارع الزراعة، لنكن هناك في الـ11 من صباح غد الخميس!