“الجدران تتذكر وجوههم”

“الجدران تتذكر وجوههم”

عنوان يعني لمجتمع أسر المختفين قسريا “الإحساس بألمهم”. مرت عقود كثيرة عاش فيها هذا المجتمع في عزلته عن المجتمع الكل، منع من المطالبة أو الحديث حول أبناءه مسلوبوا الحرية والحقوق: أصدقاء لنا عاشو بيننا ولم نعرف أن لهم أب أو أخ أخفي قسريا، لإنه ببساطة عملية إخفاء داخل أخرى.
قال لي الرجل اليمني رشيد المسربه إبن المختفي أحمد المسربه في ختام الحملة: “مررت بأصعب الظروف ولم تنزل لي دمعة ولكن عند تذكر أبي”… تقطع صوته وأمتلئت عيناه بالدموع وانصرف، ناديت عليه فعاد وعانقته.. هذا هو حال مجتمع المختفين قسريا، ألم وآلام لا تنتهي.. عذاب إنتظار عزيز أعظم من موته.
سبعة أشهر و 102 جدارية لوجوه مختفين قسريا، حاولنا خلالها إحلال ولو قدر بسيط من السلام في قلوب المجتمع المفجوع والمنكوب بإستمرار.
يحز في قلبي وقلو كل الأسوياء من تجاهل لغالبية النخب السياسية والحقوقية في البلاد لهذه القضية الوطنية: سعينا إلى إيصال رسالتنا إلى المجتمع فجحنا وإلى النخب فلم نستطيع، لا عجب فكيف لنا أن نخاطب من “بإرواحهم صمم!”.
خلف الجدار أخفي مصيرهم وعلى وجه الجدار رسمت وجوههم. 
عاد المختفين قسريا وهم أصغر من أولادهم وبناتهم وإخوانهم، عادو ليحدقوا في وجه مجتمع لا يعرف بأمرهم وفي وجه الجلاد ليشيح بنظره عنهم . بنفس الإبتسامة والضحكة ووضعية الجلوس عبرو شوارعنا ومدننا ليقولوا لأسرهم نحن كنا وما نزال أبطال.
أستطاعت “الجدرات تتذكر وجوههم” عبور القارات ليسمع عنها من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب. نجحت بإيصال رسالتها إلى العالم.
شكل ظهور مختفي قسريا صدمة لنا وللمجتمع رافقة صدمة أعنف هي صدمة محاولة إخفائهم مرة أخرى من قبل البعض.. إن عملية الإخفاء القسري جارية على قدم وساق وبالمطرقة والسندان.
نجحت الحملة فيما لم ينجح به الساسة والحقوقيين “هكذا يقول الكثيرين”. خاطبت المجتمع بمشاكلة وحاكمة الجلادين أمام بيوتهم وثكناتهم. فحاولوا جمس ذكراهم فعدنا لحفر وجوههم على وجه الجدار. للجدار ذاكرة رحبة هي أوسع من ذاكرة الإنسان الضيقة غالبا.
دعم “الجدران تتذكر وجوههم” أسرتي والأصدقاء و بعض من أسر المختفي قسريا. على الرغم من تواضع الحملة ماديا إلا أنها تفوقت.
في ذات يوم عندما هم أحد الأصدقاء بالخروج من الشقة التي أسكن فيها مع عائلتي، إلتفت إلى كومة صغيرة من الكراتين وعلب الرنج الأبيض بجوار الباب وسئل عنها فقلت له أن هذه أدوات “الجدران تتذكر وجوههم”، رد علي بإن العالم سيستغرب أن تكون الحملة هذه الأدوات البسيطة. الجدران تتذكر وجوههم مجموعة من الأصدقاء الذين يعملون كالجسد الواحد.
كان الخميس 4 إبريل 2013 هو الأسبوع الــ30 من عمر الحملة، في هذا الأسبوع توافد العديد من الأصدقاء والمناصرين للحملة ولقضية المختفي قسريا وعبروا لنا عن قلقهم من انتها الحملة. في هذا اليوم تلقيت حالات لمختفين قسريا وقبل يوم من انتهاء الحملة ظهرت أنباء عن ظهور المختفي قسريا منذ العام 1994 جلال شعفل عمر ثم إختفاءه مرة أخرى، وقبل هذا ظهور مطهر الإرياني المختفي قسريا من العام 1981، والذي لم يلقى ظهوره الإهتمام الكافي فيما يشبه عملية “إخفاء” أخرى بحق ظهوره. 
ننوه لكل من يعلم عن مختفين قسريا بالإستمراد بإرسال المعلومات لإن الحملة حملت لواء “المختفي قسريا” وستظل، وسنعود لرسم وجوههم من فترة لأخرى حالما تتوفر معلومات عن مختفين قسريا.
ستظل الحملة حية هذا ما أثبتته المشاركة الكبيرة لشباب وشابات الذين يفصلهم عن المختفين عمر جيلين. ظهور مختفي هو دليل على قوة الرسم وعدالة قضية “الجدران تتذكر وجوههم”. 
شكرا لكل من كان معنا في هذه الحملة ولــ وسائل الإعلام الدولية والعربية والمحلية التي غطت الحملة منذ أنطلاقها 

تصوير: حمزه شيبان

 

صوره جماعية لأخر اسبوع

 

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s